الروح والتزكية

منذ فترة كنت اتناقش عن التصالح الذاتي وكانت وجهات النظر متفاوتة بين انه: (السلام الداخلي هو الاسترضاء: تريد أن تُصالح نفسك هذبها بما لاتشتهيه، أُحيطت الجنة بالمكاره والنار بالشهوات) وقناعتي متفقة مع الاولى بإضافة حلقة: التصالح يأتي مع الله، توجد اشياء كثيرة تحدث لنا ليست عابرة ابداً لأنها منه سبحانه، وكل هذه الاشياء هي رسائل منه، وكل ما أفقد هذه الرسائل أفقدني. فالتزكية والتهذيب ليس فقط بالشهوات ولا بالمكاره او بالحرمان، هما مرتبطان بالله وعلاقتنا الداخلية والخارجية معه. لان التهذيب ارتقاء وهو العلاقة الخارجية للانسان مع الله التي تقوي العلاقة الداخلية به، هو كالقشرة كمثال موقفي مع الخيل في الرياض: في بداية الأمر كان هدفي أجري بالخيل وانا اركبه، بعدها أدركت أن الجري ليس مهارة ابداً، توجد أساسيات لابد عليّ من معرفتها وتعلمها واتقنها قبل ركوب الخيل، فعند سقوطي للمرة الأولى من الخيل وصلت لمرحلة اقول (الخيل دا لازم يتهذب ويتروض بانو امنعو من رغباتو عشان يكون (مطيع) ودا من بحكم القوي على الضعيف)، بإشارة فلم Spirit station of cirramon, عندما حرم النقيب الخيل من الاكل والشرب ٣ ايام بهدف الترويض والتهذيب، لكن هذا الأمر لم يكن صائباً أبداً، والسبب لأن الخيّال كي يكسب الخيل لابد من إنشاء علاقة داخلية قوية وترابط وانسجام مع الخيل قبل تهذيبه وترويضه، وهذا ما فعله الهندي في الفلم، فلو انشأت علاقة داخلية بيني وبين الخيل سيسهل عليّ ترويضه وتهذيبه، فالمقصد أن الترويض والتهذيب ضروري ولكنه غير كافي ابداً ولا يأتي كحل أولي ابداً، والعلاقة الداخلية هي السلام الداخلي والاسترضاء والانسجام والتوافق، والعلاقة الخارجية هي التهذيب والتزكية وكلامهما مكمل للآخر للوصول لنقطة الاستقرار، وتعالى الله عن هذا، وهكذا نحن مع الله سبحانه وتعالى. علاقتنا مع الله سبحانه وتعالى تنشأ من علاقة داخلية بيننا وبينه، وفي حال العلاقة الداخلية لم تكن بالمستوى المطلوب ننتقل لمرحلة تهذيب النفس للتقرب الى الله عزّ وجل، لكن الاساس هو النظر في السلام الداخلي والعلاقة الداخلية معه سبحانه. وعندما قرأت كتاب صور من تسبيح الكائنات لله للدكتور زغلول النجار: أدركت أن بين الكائنات والمخلوقات حلقة ترابط قوية جداً وعلاقة داخلية قوية لا يدركها إلا أولو للألباب، لو استطاع المرء التعامل مع كل الكائنات والمخلوقات بروح الله سيرى بصيرة عميقة وعظيمة جداً جداً، لدرجة أن العمق سيجعله يتعامل معهم بروح وبصيرة ويدخل في انسجام داخلي عظيم مع مخلوقات الله، الانسجام سيخلق رضا الله سبحانه وتعالى وحبه، مما يؤدي إلى رضا وحب المخلوقات والكائنات له فتحل عليه وعليهم بركات الله.

تعليقات